طمس معالم الجريمة… جرماً بحد ذاته
من يسعى الى اخفاء المجازر الجماعية التي طالت الشيعة في العراق
يقول الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام : ان العدل البطئ ظلم.
وهو أشد وقعاً من الالم الذي اصاب المظلوم من الظالم نفسه، عندما ترهن مظلومية الانسان بمن هو لا يكترث لإنفاذ القصاص بحق الظالم، فيفتك بالمظلوم صبراً وقهراً على المصيبتين التي لحقت به، عندما ارتكب الظالم جنايته بحقه اولاً، واستخفت العدالة بظليمته ثانياً.
وما نتناوله الان قضية عظمى هزت اركان المجتمع الدولي قبل سنوات قليلة، عندما شاع خبر ارتكاب تنظيم داعش الارهابي الذي سيطر على اجزاء واسعة من دولة العراق مجازر فضيعة طالت الالاف من المدنيين الابرياء، نساء واطفال ورجال، وتحديداً ممن ينتمون عقائدياً الى المذهب الشيعي، وتحديداً في مدينة الموصل التي تشهد خليطاً اجتماعياً من المسلمين السنة والشيعة والمسيحيين والايزيديين.
وعلى الرغم من مرور اكثر من ثمان سنوات على تلك المجازر، وما يقرب من اربع سنوات على دحر التنظيم وتطهير مدينة الموصل من براثنه، الا ان العدالة الرسمية المتمثلة بالحكومة العراقية لم تكتشف بشكل كامل عن المقابر الجماعية التي القيت فيها اجساد الابرياء الشيعة، خصوصاً ان تلك المقابر موزعة على اكثر من مكان في داخل المدينة وعلى حدودها.
مؤخراً اثار بعض الحقوقيين والنشطاء المدنيين قضية خطيرة لا تقل اهمية عن المجازر التي ارتكبها التنظيم الارهابي، تمثلت في مسعى بعض الجهات المشبوهة في طمس معالم الجرائم الانسانية التي ارتكبت في الموصل خلال سنوات احتلال داعش لها.
فبحسب المراقبين فأن جهات مجهولة اقدمت على ردم فوهة حفرة الخسفة سيئة السُّمعة التي تُعد منخفضاً طبيعياً غائراً في الأرض، تقع على بُعد قرابة 20 كيلومتراً جنوب الموصل، وتعد إحدى أكبر المقابر الجماعية في العراق إثر استخدام تنظيم الدولة إياها كمقبرة للمحكوم عليهم بالإعدام خلال فترة ولايته منذ عام 2014 وحتى تحرير الموصل من سلطته عام 2017.
اذ شوهدت فوهة السفة وقد ردمت بهياكل حديدية لشاحنات كبيرة.
ويطالب حقوقيون بشكل مستمر الحكومة في بغداد بالإسراع في فتح المقابر الجماعية بالعراق، خاصةً حفرتي الخسفة وعلو عنتر، اللتين تضمان “أكبر عدد لضحايا تنظيم داعش”.
وتقع حفرة علو عنتر في أطراف مدينة تلعفر، وتبعد نحو ستة كيلومترات عن مركز تلعفر الواقع تقريباً على بُعد 70 كم غرب مدينة الموصل، في مساحة مهجورة بعمق الصحراء.
وبحسب نائب رئيس مفوضية حقوق الإنسان بالعراق، فان “مقبرة الخسفة واحدة من بين 72 مقبرة جماعية محددة لم تُفتح حتى الآن، كلها في محافظة الموصل وأغلبها في جبل سنجار وتلعفر وغابات الموصل”.