الإثنين , ديسمبر 9 2024

استخفاف الشيعة واجندات الإعلام البعثي

محمد حميد الصواف

أن يكون سكان وسط وجنوب العراق (الشيعة) بسطاء فهذا أمر لا يعيب ولا يخجل، إنما ينم عن طيبة مفرطة وشعور بالثقة والتواضع.

وان يتندر البعض بلهجتهم وطرق عيشهم فهذان فعلان يبنيان على حسن الظن بالاول، كونه مستاغ وإن كان على مضض، فهو سلوك متدني إلا أنه دارج في معظم اوساط الشعوب الشرقية التي لا تزال تعاني الطبقية العنصرية وافرازاتها الاجتماعي، في حين يحمل الثاني على محمل التقصير الحكومي الذي تعمد التقصير والتهميش لمناطق الشيعة في جنوب ووسط العراق منذ العهد العثماني الزائل وحتى وقتنا الحالي حيث يتصدر الشيعة إدارة العراق منذ ما يربو على عقدين من الزمان.

إذ يتمسك الجنوبيون مضطرين بوسائل عيش بدائية غادرتها العديد من الشعوب، فالمكننة والحداثة الابتكاري لا تزال محدودة الانتشار ومعدمة في بعض قرى تلك المناطق.

وهنا يقع اللوم دون أدنى شك على إدارة الدولة العراقية التي تغط (مع الأسف الشديد) في مستنقع فساد موحل سلب من اقطابها رضا الله والناس أجمعين.

وبعيداً عن الغوص في التفاصيل والمسببات لكل ما تقدم، يواجه هذا المكون الذي يمثل أغلبية الشعب العراقي تنمراً واستخفافاً ليسا بجديدين، وان كان ما استحدث منهما الأسلوب فقط، إذ تحول من ممارسة عنصرية يمارسها سنة العراق إزاء الشيعة في مجالسهم الخاصة، إلى سياق مدروس وممنهج تنفذه فضائيات سنية تعود لبعثي العهد الديكتاتوري.

إذ تطل تلك الفضائيات مع كل موسم رمضاني بحقيبة من الأعمال الدرامية تتسم بكوميديا صفراء تخاطب في مضمونها العقل الباطن للمشاهد، لتمرير رسالة مفادها أن الشيعة أقوام بدائية ومتخلفة بلا جذور أو اصول، رعيع همج لا يملكون أي تراث انساني أو ثقاقي، مستغلة بعض النفوس الضعيفة التي ارتضت أن تبذل نفسها مقابل الأموال وتطعن بإبناء جلدتنا تسخيفا وإهانة.

ف(العتاگ) و (شلتاغ) وسواها من الشخصيات الكوميدية التي أبرزها تلك الفضائيات كان الهدف من ورائها بشكل جلي تسخيف الشخصية الشيعية ومحاولة إقناع المتلقي بان مجتمعات وسط وجنوب العراق همج بلا مفاهيم شرعية او عرفية أو وطنية.

وما قد لا يدركه اغلب المشاهدين أن تلك الأعمال ما هي إلا بروباغندا سوداء محبطة توهم العقل الباطن من خلال رسائل غير مباشرة.

في حين تبرز الأعمال الدرامية المشبوهة لتلك الفضائيات الشخصيات السنية باعتبارها تتمثل بوقار رفيع المستوى وتتمتع بثوابت أخلاقية ووطنية تفتقدها الشخصية الشيعية.

إذ نجحت تلك الفضائيات من خلال طرحها البغيض في إشاعة ظاهرة مؤسفة تتمثل بالتنمر على الذات، وهو سلوك نفسي ينتج عن تصور بالدونية واليأس والاحباط، ويدفع إلى مهاجمة الفرد لنفسه، أو مجموعة لمجموعة تنتمي أخرى تنتمي لها أيضا، وقد لوحظت هذه الظاهرة في عمليات حرق المؤسسات الوطنية في محافظات وسط وجنوب العراق خلال الاحتجاجات المطالبة بالاصلاح عام 2019، وتزامن معها تنكر وتنمر شعبي في أوساط الشباب ضد المرجعيات الدينية والوطنية والاجتماعية بمختلف عناوينها.

إن ما تمارسه تلك الفضائيات من تدمير نفسي تقع مسؤوليته بالدرجة الأساس على القيادات السياسية، خصوصاً انها تتحمل الجزء الأكبر من معاناة الشيعة في العراق، وهي مسؤولة عن التعامل مع هذا الملف الحساس بالسبل القانونية المفترضة والا أن ما يجري كرة ثلج متحدرجة ستدمر الجميع.

٢٦/٤/٢٠٢١

شاهد أيضاً

عندما سيطر صلاح الدين الايوبي على مصر

يقول المقريزي – وهو شافعي المذهب : واستمر الحال حتى قدمت عساكر شيركوه ووصول صلاح …